شهر الرحمة، هدية الرحمن لعباده
السنةُ مدينةٌ، والشهورُ حاراتُها، والأيام جدرانُها، والساعاتُ أعمدتها، وأنفاس العبادِ هواؤها، فشهر رجب أيّام جمالها، وشعبان أيام بديعها، ورمضان أيام ربيعها وجناتها، والمؤمنون قُطّافها.
نحن وفي اليوم الأول من شهر رمضان المبارك لا بدّ مِن أنْ يسأل كل واحد منا نفسه ماذا يعني رمضان؟ ولماذا نصوم هذا الشهر في كل عام؟
الجواب الأول نجده باتفاقنا أن:
شهر الصيام و القيام و قراءة القرآن
هو تهذيب النفس عن الشهوات
هو الصبر على الطاعات
هو الاحسان للفقراء و المحتاجين
هو المحبة للأهل و المقربين
هو المسامحة والإحسان
هو القرآن و طلب العفو من الرحمن
هو شهر الخير و العمل
الجواب الثاني نستطيع أن نجده أيضا في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إذ قال الله سبحانه وتعالى: 《يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ》[البقرة:183]
الجوهر في هذه الآية هو أن يصل الإنسان إلى التقوى التي أمرَ الله عز وجل بها من خلال الصيام، فالصيام هو مدرسة عظيمة يستطيع الإنسان أن يصل به إلى الله تعالى ويدخل الجنة من باب الريان، لذلك لا بد من أن يأخذ الإنسان من شهر رمضان صفة التقوى وأن يزداد أكثر فأكثر في مجال تقوى الله عز وجل.
وأيضاً نجد جواباً آخر في قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال : "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه" أخرجه البخاري (38) ومسلم(760).
الآن صار عندنا أمران: الأمر الأول لا بد أن نصل إلى درجة التقوى أما الأمر الآخر هو لا بد أنْ نخرج من رمضان وقد غفر الله لنا فيه ذنوبنا.
لذلك أيها القارئ الكريم نحن صمنا في العام المنصرم، لكن كم مِن أناس منّا قد صاموا وقد قاموا ولكن إلى اليوم لم تُرفع أعمالهم إلى الله سبحانه وتعالى ولم يقبل الله تعالى لهم ما عملوه من طاعات في ذلك الشهر؟ لماذا يا ترى؟ لأنهم حقيقة صامت أمعدتهم ولم تصم قلوبهم، ولم تصم جوارحهم عمّا حرّم الله عز وجل.
أيها السادة الكرام ففي هذا الشهر يجب علينا من أول يوم فيه أن نأخذ أمرين بغاية الأهمية أولاً أن نكون من المتقين ونتقي الله بالسر والعلن، ثانيا: أن نسعى قبل خروجنا من رمضان على غفران الله عز وجل لنا ذنوبنا، وأن نسعى إلى أن ننقي قلوبنا من كل مغريات الدنيا التي لا تساوي أمام الجنة أي شيء؛ علينا أن نجدد العهد ونجدد النوايا بالإخلاص إلى الله وأن نعلن صفاء قلوبنا من عفو ورحمة وإحسان، وأن نوصلها إلى الإنسانية جمعاء.
تعليقات: 0
إرسال تعليق